يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤال هو كيف الرد على من يدعون عصمة الأولياء ويتخذونهم إلى الله زلفى، وقد يقدمون محبتهم على محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟
على كل حال هذه مسألة أنا أظنها بينة عند عامة المسلمين فضلاًَ عن طلاب العلم وخاصتهم، وهو إذا قلنا بأن - النبي صلى الله عليه وسلم - انقطع بموته الوحي وهو خاتم الأنبياء وأن الله أكمل الدين، فبعد هذا فليس هناك منافذ إلى الحاجة إلى من يقال أنه معصوم هذا أمر .
الآخر أن العصمة تحتاج إلى دليل والأدلة القطعية العصمة لأحد دون - النبي صلى الله عليه وسلم - تحتاج إلى دليل والدليل ثبت أنه ليس معصوم إلا - النبي صلى الله عليه وسلم - كل يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأن - النبي صلى الله عليه وسلم - قال ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ) وقال ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي ) وفى بعض الروايات ( وعطرتي ) يعني حقوق آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
هذا الأمر يقتضي أن الدين كمل وحفظ .
أما العصمة لابد أن ينتج عنها أن المعصوم يؤخذ قوله بلا تردد وعمله بلا تردد ، ويؤخذ على أنه دين، هذا لا يمكن .
فإذًا دعوى العصمة هذه دعوة باطلة وتتنافى مع قطعيات الدين بل إنها تتنافى مع شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ إذا كانت طالبة تستمع إلى طالبة في القرآن الكريم ولكن عندما تشكل عليها آية أو تستصعب آية في حفظها تشير إلى بعضأجزاء الجسم، وإذا كان اسم من أسماء الله مثلا أشارت إلى الأذن أو إلى البصر يعني إنه سميع بصير، من باب التقدير، فهل هذا يقدح في العقيدة أو فيه سوء أدب مع الله - سبحانه وتعالى - هذا السؤال الأول، السؤال الآخر: سؤال الجارية التي سأل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما سألها عن الله تعالى فأشارت إلى السماء ، هل هذا يعني فيه بمعنى التوجه أو الاتجاه وبارك الله فيكم
ما يتعلق بالإشارة إلى مواطن أو إلى أماكن الصفات في الإنسان عندما تورد أسماء الله وصفاته في القرآن في التلاوة أو حين ذكرها في الكتب أو حين ذكرها في السنة هذا لا يجوز لا يجوز؛ ولأنه فيه عدة محاذير :
أولاًَ : يشعر بالتشبيه وبالتمثيل، الله - عز وجل - ليس كمثله شيء .
ثانياً : أنه يوهم على المبتدئ وطالب العلم غير المتمكن في العقيدة بل عامة المسلمين هذا يوهمهم بأمور تدخل في أوهامهم ليست لائقة، وقبل ذلك كله هو سوء أدب مع الله - عز وجل - ثم إن هذا الأمر لو اتخذ لأدى إلى فتنة عظيمة فتنة الناس في التعلق بالمخلوقات من خلال صفات الخالق - عز وجل - وهذا باب بدعة وفتنة يجب سده .
نعم ورد عن - النبي صلى الله عليه وسلم - أشار أحياناً عندما يذكر بعض الصفات أشار إما إلى أصبعه وإما إلى كفه أو نحو ذلك حينما يورد بعض أسماء الله وصفاته أو أقر من فعل ذلك لكن هذا ليس شرطاً في رواية الحديث وهو على خلاف الأمثلة على خلاف عند أئمة الحديث هل نروي الحديث كما رواه - النبي صلى الله عليه وسلم - فيصبح هذا موقوف على ما فعله - النبي صلى الله عليه وسلم - لا نزد عليه ومع ذلك فإن بعض أئمة الحديث المعتبرين عند أهل السنة أيضاً يرون أن ذلك لا يجوز خاصة بعد أن خاض الناس في أسماء الله وصفاته، وبعدما وجد من يسمون بالمجسمة والممثلة الذين كفروا أو قالوا هذا الكفر العظيم، في تجسيم الله وتمثيله فإنه لما وجد هذا يجب أن يحذر منه ، ومن هنا أحب أن ننبه أن إثبات الصفات لله - عز وجل - كما هو مذهب السلف ليس تجسيم وليس تمثيلاً لأنني عندما ذكرت المجسمة والممثلة ربما يقذف في الأذهان بعض الناس أن إثبات الصفات لله - عز وجل - كما يفعل السلف أنه تجسيم وهذا خطأ .
التجسيم هو اعتقاد أن لله - عز وجل - صفات مثل صفات المخلوقين ، ويسمى التمثيل على الاصطلاح الشرعي، إذاً فهذا الأمر يجب تجنبه ولذلك أثر عن الإمام أحمد أنه بعدما صارت فتنة الجهمية وصاروا يخوضون في هذه الأمور أنه لما روى أحد طلاب العلم عنده النبى - صلى الله عليه وسلم - الذي أقر فيه رفع الأصبع في ذكر بعض أفعال الله - عز وجل - قال الإمام أحمد قطعها الله من أصبع، لأنه رأي أن هذا يشوش على الناس، والحاضرون ليس كلهم من أهل العلم الذين يفقهون .
أما ما أشارت إليه أو ما ذكرته من مسألة إشارة الجارية إلى السماء فلا شك أن هذا دليل قطعي فطري على علو الله - عز وجل - لأن الجارية سئلت سؤال مفاجئ من - النبي صلى الله عليه وسلم - وهو المشرع وأجابت جواباً بينا واضحاً وهذا كان في مقام التشريع ، - النبي صلى الله عليه وسلم - مشرع في أمر يتعلق بالله - عز وجل - وحينما سألها أين الله؟ أشارت إلى السماء ، فهذا تقرير دين ، يجب أن ندين الله به وأن الله موصوف بالعلو، بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله .
لكن لا يعني ذلك أن نستعمل هذه الكلمة دائماً في امتحان الناس كما يفعل بعض الجاهلين ، بعض الجاهلين إذا أراد أن يختبر أحداً من المسلمين في صلاح عقيدته أو استقامة عقيدته راح وسأله هذا السؤال، هذا مصدر فتنة؛ لأن ليس كل الناس يعرفون هذه السنة وليس كل الناس يعرف كيف يجيب، فلا ينبغي السؤال إلا في مثل المقام الذي حدث أو السبب الذي حدث في عهد - النبي صلى الله عليه وسلم - مقيد بتلك الشروط ، إن جاز فعله .
تقول هل يصح الإجابة على سؤال أين ال؟له بأن الله موجود في كل مكان ؟
لا هذا خطير ، بل يجب أن يقال الله - عز وجل - مستوٍ على عرشه فوق سماواته كما ورد في النصوص ، يجب أن نجيب بأجوبة النصوص الشرعية، أنا لنا أن نجيب بأكثر مما ورد، أليس الله - عز وجل - هو أصل الغيب؟ الله - عز وجل - هو الغيب، وهناك أمور أخرى، لكن كل ما يتعلق بالكيفيات أسماء الله وصفاته غيب، ولذلك امتدح الله المؤمنون بالإيمان بالغيب، هل يجوز أن نأتي بمعاني زائدة، وبألفاظ زائدة عما ورد في الكتاب والسنة، نقول الله - عز وجل - علا فوق سماواته مستوٍ على عرشه نجيب بهذا الجواب أو بنحوه مما لا يعطي معنى آخر يبتدأ .
تقول ما حكم من لا يقتنع بالأحكام الشرعية والعقدية إلا بأدلة عقلية وما الأسلوب الأفضل في دعوته ؟
هذا يعني نزعة وسواس ، وأيضاً نزعة عقلانية مذمومة ليس كل نزعة عقلانية مذمومة، ولكن العقل إذا كان يريد أن يتثبت بالإيمان أن يستزيد من الخير فهذا ممدوح لكن إذا صارت النزعة العقلية تريد أن تقصر الدلالات الشرعية على العقل فمن هنا تقع الهلكة ، فمثل هذا يجب أولاً أن يراعى؛ لأن الغالب أن أصحاب النزعات العقلية لا يسلمون من الغرور هذا هو الغالب .
ولذلك تجد خصوم الأنبياء من العقلانيين ، وليس هذا ذم لكل عقلاني إنما العقلاني إذا ما استجاب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم
- إذا ما استجاب للدين كانت عقلانيته تتعدى الحدود الأصلية الحدود الفطرية للعقل ، إذاً النزعة العقلانية إذا وصلت إلى حد أن صاحبها لا يريد أن يؤمن بشرع أو بشيء من الشرع إلا بما يقنع عقله غالباً إنه يخشى عليه من الهلكة، لأن أغلب أمور الدين قدرية، والقدر غيب، وأصول الاعتقاد غيب، والغيب نعلم منه ظواهر الحقائق لا كيفيات الحقائق، والعقل لا يكتفي بظواهر الحقائق يريد أن يتطلع إلى الكيفيات وهذا مستحيل، فإذاً صاحب هذه النزعة أخشى ألا يصل إلى الحق، أخشى فلذلك يجب أن يوعظ ويخوف بالله - عز وجل - ويبين أو تبين له ثوابت الدين وهو أن الدين ينبني على التسليم، وأن العقل قاصر وأنه لا يمكن مقارنة الوحي المعصوم كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقارن بأفكار الناس وآرائهم مهما بلغت من الذكاء والقوة والعبقرية، فإذا سلم بذلك وأدرك أنه إنسان محدود يعني يعتريه السهو والنقصان والخلل والضعف والفناء، وعرف قدر نفسه، من هنا ستستجيب عواطفه وسيستجيب عقله إن شاء الله للحق .
إذاً أرى أن السبيل الأول هو موعظته، ثم حواره بالمسلمات البدهية لا بالمقدمات المعقدة، العقليات المعقدة لا تصل إلى يقين .
لكن مثل عبارة القرآن في مسألة الذين أوجدوا ما يوجب الشك في الله - عز وجل - قال سبحانه ﴿ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾[ابراهيم: 10] .
وقال في الرد على من أنكر البعث حينما فتت عظماً وقال أنى يحيي هذه الله - عز وجل - قال الله - عز وجل - ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿78﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾[يّـس:78-79].
مقدمات بسيطة بهذه المقدمات البسيطة الخفيفة يمكن أن نقنع العقلاني الذي عنده هذا الوسواس، أما التعمق في المحاورات فهو يزيد الأمور تعقيداً .
ما ردك على من يلقون الشبهة في تفسير بعض آيات القرآن بغير معناها، كمن يقول ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)﴾[ الحجر:99] ، يفسر اليقين هي درجة عالية من العبادة ؟
ما وجه تسميتها شبه هنا ؟
الشبه لدى الناس عامة الناس، يعني يأخذ آيات القرآن ويفسرها بغير معانيها
على معاني إشارية مثلاً ؟
معاني عقدية
يعني أحياناً تكون معاني هي جزء من معنىالآية ؟
لا هذا يحرفها تماماً ، يعني يوصلها بالعقل العامي أنه معنى ، الهدف منه تغيير اعتقاد ؟
أعد السؤال بشكل مرتب.
بعض الفئات تفسر القرآن بغير معانيها، بحيث يلقي شبه إذا أراد إلقاء شبه معينة لدى الناس فسرها بتفسير قد يستوعبها الشخص العامي كما يقول هو
يعني كأنك تقول يكون عنده أحياناً رأي مسبق أو بدعة يعتقدها ثم يسوق النص بما يؤيد هذه البدعة، يجعل بدعته أو وهمه أو رأيه هو الأصل ثم يذهب ليأتي ليلوي أعناق الأدلة من أجل أن تؤيد شبهته أليس كذلك ؟
هذا هو الذي قال الله فيه ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾[آل عمران:7] وعلى قراءة أخرى ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ الوقوف عند ﴿ إِلَّا اللَّهُ ﴾ - عز وجل - يعني إن هناك وهو الكيفيات والغيبيات والمسائل الغيبية البحتة لا يعملها إلا الله، والوقوف على ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ يعني أن بعض المعاني العميقة في كثير من النصوص لا يدركها إلا العلماء إذاً هذا المسلك مسلك خطير ويجب أن يتنبه له كل مسلم .
لأنه لا يضع في ذهنه رأي مسبق أو عقيدة مسبقة أو يكون متعلق ببدعة أو يكون متعلق برغبة في أمر من الأمور ثم يذهب ليستدل بذلك.
فإن هذا المنحى خطير على عقيدة المسلم وغالباًُ أن الله - عز وجل - يكله إلى نفسه فيهلك ، ويظن الدليل معه، مع أن الدليل ضده .
( العصمة ثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم : والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة، وآما آحادها فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الكتاب والسنة فما قام عليه الدليل قبل، مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة).
نعم هذه قاعدة تتعلق بحماية الدين، لما قلنا أن الدين أكمله الله - عز وجل - وأنه ليس لأحد أن يأتي زاعماً أنه من الدين إلخ ، فتأتي هذه بمثابة الحلقة التي يعني تكون إطار لهذه القاعدة وهي أن العصمة بمعني اعتقاد أن الإنسان يقول الحق جزماً ولا يمكن أن يرد في كلامه أي احتمال للخطأ .
العصمة بأن يكون القول والفعل دين، هذه لا يمكن أن يكون إلا للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعصم أن يقول على الله أن يعصم من أن يتطرق قوله نقص؛ لأن ذلك يتطرق إلى الدين أو زيادة تخرج عما أراده الله أو أن يقع في محذور شرعي كأن يقع في كبيرة أو أمر يتنافى مع كرامة - النبي صلى الله عليه وسلم - والأخلاق الفاضلة .
إذاً العصمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الدين وفى الأخلاق، وفى جميع الأصول التي تقتضي كمال الدين فإن - النبي صلى الله عليه وسلم - هو المعصوم .
أما بقية الناس فلا أحد معصوم حتى العلماء الكبار، حتى كبار الصحابة ، قد يرد إليهم خطأ، لأنهم ليسوا مصدر دين ليسوا مصدر تشريع ، - النبي صلى الله عليه وسلم - عصم لأنه هو يشرع فلا يتطرق إلى أقواله وأفعاله الباطل إطلاقاً .
فإذًا العصمة لا تكون إلا للرسول - صلى الله عليه وسلم - لكن هناك معنى بعض الناس يفهمه خطأ، وقد ذكره - النبي صلى الله عليه وسلم - أن الأمة في مجموعها معصومة، لماذا معصومة ؟ هل يعني ذلك أن كل الأمة لا يخطئون ؟ لا ، يعني ذلك أنه لا تخرج الأمة كلها عن الخطأ، يبقى منها ولو عدد قليل على الصواب، يعني لا تجمع على خطأ هذا معناه، لكن لا يمكن أن تتفق الأمة كلها على الصواب لماذا ؟ لأنهم بشر يخطئون ، ويسهون ، وينسون ،يبتدع بعضهم، وينحرف بعضهم تقع فيهم السبل، لكن لابد أن تبقى طائفة ولو قليلة على الحق ، هذا معنى قول - النبي صلى الله عليه وسلم - ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لو أن البدع كثرت وكثرت الأهواء فلا يعني ذلك أن الأمة تجمع على البدع والأهواء .
وهل حدث هذا ؟ لا أبداً لم يحدث ولن يحدث ، يبقى ولو طائفة قليلة حتى أثناء الغربة - النبي صلى الله عليه وسلم - سمى أهل السنة أثناء الغربة بالغرباء ، لكنه مع ذلك وصفهم بأنهم ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ومن عاداهم ) هؤلاء الظاهرون هم الذين تحققت بهم عصمة الأمم ألا تجمع على ضلالة .
فإذًا الأمة معصومة في مجموعها أن تقع في ضلالة لا في أفرادها أما آحادها جماعاتها فرقها مذاهبها قد يقع الخطأ من أحد أو من بعض فئاتهم فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة ، هذه مسألة مهمة .