معرفة ما هو من صلب التفسير من غيره من الروايات التي يمكن أن نستغني عنها.
جميل هذه أهم معلومة الحقيقة، أنه نعرف صلب التفسير من غيره من المعلومات، طب لماذا نعرف صلب التفسير؟ لأنه أول ما يطلب من طالب العلم الذي يريد أن يدخل في علم التفسير أول ما نطلب منه أن يعلم صلب التفسير، فما هو التفسير؟ فإذن إذا قرأ في الكتب، فإنه يعتني بماذا؟ بصلب التفسير أول ما يعتني به؛ لأنه ملاحظ الآن أن كثيراً ممن يدخل في علم التفسير، ويحب أن يقرأ في كتب التفسير، قد يغفل عن إدراك هذا الموضوع المهم، وهو معرفة ماذا أراد الله -سبحانه وتعالى- بهذا الخطاب، ما معناه، ويذهب يبحث عن دقائق في الآيات، ومشكلات ومسائل علمية واستنباطات دقيقة ويحرص عليها أكثر مما يحرص على صلب التفسير، وهذا يخالف التدرج في ماذا؟ في طلب العلم، أنه يخالف التدرج في طلب العلم، وإنما الصواب الذي يحسن بطالب العلم أن ينتبه إلى الأصل، وأن يعمد إلى معرفة صلب التفسير، وهذا لا شك أنه حظ عظيم، في أن تعلم معاني ما تكلم الله -سبحانه وتعالى- به، ثم ما بعد ذلك من المعلومات لاشك أنها ستكون لاحقةً لموضوع صلب التفسير.
كنا تطرقنا فضيلة الشيخ قبل الفاصل إلى علوم إسلامية ثم انتقلنا إلى العلوم الأخرى في مبحث هذه الحلقة، المجال لديكم فضيلة الشيخ، وإن كنت أود أن نعود أخيراً إلى العلوم الإسلامية وزيادة في تفصيل هذه العلوم.
لا بأس، نرجع الآن -إن شاء الله- نفصل في ما يتعلق بالعلوم الإسلامية وعلاقتها بعلم التفسير، قبل قليل فقط نعيد الفوائد التي أخذناها قبل قليل في قضية فائدة النظر في معلومات كتب التفسير.
عندنا كان الفائدة الأولى كما قلنا معرفة صلب التفسير، الذي هو أهم أو من أول ما يعتني به طالب علم التفسير.
أيضاً من فوائد معرفة ما تتضمنه كتب التفسير من معلومات على مدى التقسيم أو غيره، لترتيب المعلومات حال إلقاء الدرس، حيث تعرف ماذا تقدم، وماذا تؤخر، فلاشك أن المقدمة الأصل فيه أن يكون الذي هو صلب التفسير، فيقدم ثم بعد ذلك يرتب على ذلك المسائل الأخرى المرتبطة بالآية.
كذلك معرفة أثر هذه المعلومات على مناهج المفسرين، التي قلنا قبل قليل أن بعض الكتب تكون في مجلد وبعض الكتب تكون في أكثر من مجلد فهذه العلوم التي دخلت مع التفسير أثرت في الاتجاهات العلمية للمفسر، فصار أغلب المادة العلمية عنده، أو برز عنده جانب من جوانب هذه الاتجاهات.
على سبيل المثال لما نرجع مثلاً أو نذكر مثلاً كتاب "البحر المحيط" وتفسير أبي حيان، ما الذي يتبادر إلى الذهن في المعلومات التي أكثر من ذكرها أبو حيان؟ أبو حيان كان بارزاً في أي علم؟ في علم النحو، فإذن لاشك أننا إذا رجعنا إلى البحر المحيط سنجد كثرة وغزارة فيما يتعلق بهذه المادة النحوية، كذلك القرطبي لما نرجع إلى كتابة "الجامع لأحكام القرآن" وقد أبان عن منهجه من عنوانه، أنه أراد أن يجمع ما يتعلق بأحكام القرآن، قطعاً سيكون إذن الجانب الفقهي أو الاتجاه الفقهي أثر على تأثيره.
كذلك الزمخشري لما ننظر إلى تفسيره سنجد أنه قصد في كتابه أمرين: جانب عقدي، وجانب علمي.
- الجانب الأول: فهو الجانب العقدي فهو مشهور بالاعتزال، فهو أراد أن يبين -كما يقول في مقدمة كتابه- عن استدلالات المعتزلة بالآيات، يعني ما هي الآيات التي تدل على مذهب المعتزلة.
- الجانب الثاني: الذي هو الجانب العلمي الذي هو الاتجاه البلاغي؛ لأنه هو كان أيضاً متفنناً في هذا فنجد أننا يمكن أن نصنف كتابه على هذا، وقس على ذلك غيره من كتب التفسير.
إذن تقسيم هذه المعلومات ومعرفة هذه الأقسام يفيدنا في ما يتعلق بجانب معرفة توجهات المفسرين.
نعود إلى ما طلب الأخ الكريم في قضية العلوم الإسلامية وعلاقتها بعلوم القرآن، ثم علاقتها بالتفسير، لو لاحظنا نحن ذكرنا بعض العلوم مثلاً علم النحو وعلم اللغة، وعلم البلاغة، وعلم الفقه وعلم أصول الفقه، قبل قليل ذكرت لكم أن هذه العلوم نحتاجها في حال الاستنباط، وأيضاً ذكرت لكم أن الاستنباط شيء والتفسير شيء آخر، وقد يقول قائل: إنا نجد أن بعض العلماء -رحمهم الله- جعلوا من العلوم التي يحتاجها المفسر خمسة عشر علماً، وذكروا فيها هذه العلوم، وأنت الآن أخرجتها من صلب التفسير، فهل هذا العمل صحيح؟
نريد أن نبين المعنى، لا يحتاجه من يريد أن يبين المعنى، ولنأخذ على ذلك مثالاً، علم البلاغة مثلاً، هل نحتاج علم البلاغة من حيث هو علم؟ الآن نتكلم بجملته، هل نحتاج إلى علم البلاغة في بيان معاني القرآن؟
لا.
الأصل لا..، متى نحتاج علم البلاغة؟
يعني ما هو العلم الذي هو ألصق بعلم البلاغة من علوم القرآن؟ نحن نتكلم الآن عن علاقتها بعلوم القرآن.
علم اللغة.
لا..، يوجد علم عندنا مسمى معنون الذي هو ما يسمى بعلم إعجاز القرآن، بمعنى أنه إذا كان أحد طلبة العلم يريد أن يتخصص في إعجاز القرآن، هل يستطيع أن يتخصص في إعجاز القرآن دون أن يعرف علم البلاغة؟ لا يمكن، لماذا؟ لأن علم البلاغة لو رجعنا إلى تاريخه نجد أنه انبثق من البحث في إعجاز القرآن أصلاً، فإذن لا يحتاج المفسر إلى علم البلاغة بتفاصيله مثل ما يحتاجه من يريد أن يبين عن إعجاز القرآن؛ لأن المفسر يبين المعاني، ومن يبحث في إعجاز القرآن يبين ما بعد هذه المعاني، المعاني الثانوية، يعني ما بعد هذه المعاني، لكن لا يعني هذا أن كل تفاصيل علم البلاغة لا نحتاجها في التفسير، لا...؛ لأن بعض المسائل أو بعض القضايا التي من صلب التفسير مرتبطة بعلم البلاغة ارتباطاً وثيقاً، يجب أن يفهم هذا.
إذن نعيد مرة أخرى نقول: لو قلنا: لا نحتاج علم البلاغة بتفاصيله، وإن كنا نحتاج بعض القضايا في علم البلاغة في بعض الآيات لبيان المعنى، أما بيان الإعجاز، فهذا لاشك أنه يعتبر من الأصل، يعني أصل في بيان إعجاز القرآن.
علم النحو كذلك، وإن كان أبو حيان -رحمه الله تعالى- يعني أبان في مقدمة تفسيره أنه العلم الذي إذا عرفه المفسر استطاع أن يفسر القرآن، فنقول: نعم إنه يعين لا شك على فهم القرآن، الذي هو علم النحو، لكن هل كل مفسر يحتاج إلى تفاصيل علم النحو جميعاً؟ نقول أيضاً لا...، لا يحتاج، وإن كان يحتاج إلى أصول علم النحو؛ لأنه لا يمكن أن يأتي مفسر لا يعرف الفاعل من المفعول، أو لا يعرف متى يرفع الاسم إلى غيره، لا يوجد مفسر بهذه المثابة، لأن الأصل المفسر أن يكون عالماً بهذه الأصول النحوية العامة، أما الاختلافات النحوية وما يتعلق أو ما يدخل في علم الصرف من دقائق، فهذا الأصل أن المفسر لا يحتاجه، أن الأصل في المفسر أنه لا يحتاج، وأن هذا علم قائم بذاته، لكن لو كنا نأتي إلى إعراب القرآن، من علوم القرآن إعراب القرآن، نقول: من أراد أن يبين أو يدرس إعراب القرآن لا يحتاج علم النحو، هذا صحيح؟ نقول: لا...، لأنه أصلاً إعراب القرآن هو النحو نفسه، فإذن المقصد من ذلك أننا نبين العلاقات بين هذه العلوم التي قال بعض العلماء إنها من الأصول التي يحتاجها المفسر.
كذلك علم أصول الفقه، هل المفسر يحتاج إلى أصول الفقه؟
نعم.
بقدر ما يبين المعنى، إذن ليس تواصيه علم أصول الفقه، ولهذا لو تلاحظ هل يمكن أن تقول لي: ما هو التفسير الذي يمثل اتجاه أصول الفقه في كتب المفسرين؟ واضح جداً أو بارز أن هذا كتاب قد أراد أن يبين ما يتعلق بأصول الفقه من خلال التفسير؟
القرطبي.
القرطبي فقه؛ لأنه بين الأحكام الشرعية، غير القرطبي؟ فيه عندنا من المعاصرين القريبين جداً الذي هو "أضواء البيان" صاحب "أضواء البيان" الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- قصد إلى بيان مسائل أصول الفقه في كتابه، لكن لما ننظر إلى هذه المسائل التي ذكرها في كثير من الأحيان مرتبطة بالحكم الشرعي، والمستنبطات من القرآن، وليس بصلب المعنى، لكن أيضاً نفس القضية نقول: أنه لا شك أننا قد نحتاج قضايا في أصول الفقه لبيان المعنى، فإذن كل هذه المذكورات، وكذلك مع الفقه أننا نأخذ منها ما نحتاجه في بيان المعنى، لكن لا يلزم أن يكون المفسر متقناً لجميع هذه العلوم، لكن لو أتقن جميع هذه العلوم التي يذكرها من يذكر ما يحتاجه المفسر، لصار مجتهداً مطلقاً، يعني العلوم المذكورة لو تأملناها، هي ليس في الحقيقة شروط للمفسر، أو العلوم التي يحتاجها المفسر، إنما هي العلوم التي يحتاجها من؟ المجتهد؛ ولهذا ذكروا خمسة عشر علماً، منها العلوم التي ذكرها الآن العلوم الخمسة، وذكروا علم السير، وعلم السنة وعلم التاريخ، وعلم أيضاً ...
العروض.
لا... العروض ما أذكرهم ذكروه، لكن مجموعة علوم ذكروها، كلها لو تأملناها هي في الحقيقة هي للمجتهد المطلق، وليست لمن؟ للمفسر، ولذلك كنا قلنا نفسر أن المبين عن كلام الله في العلوم التي ستحتاجها لاشك أنها أقل من العلوم التي يحتاجها من أراد أن يستنبط، من أراد أن يفسر العلوم عنده ستكون أقل من العلوم التي يحتاجها من أراد أن يستنبط، فالاستنباط له جانب آخر.
والسيوطي -رحمه الله تعالى- في مقدمة كتابه "الإكليل" بيًّن الفرق بين علم التفسير وعلم الاستنباط، مما يدل على الفرق بين حاجة المفسر لعلوم وحاجة المستنبط لعلوم غير علوم المفسر.
هذه إشارة سريعة لما يتعلق بهذه العلوم الإسلامية، وكما قلت يحسن أن ينتبه السامع إلى أنه لا يقال إن المفسر لا يحتاجها بالكلية، لكن نقول: يحتاج منها بقدر ما يبين فيه المعاني.
عندنا بعد ذلك نأتي إلى موضوعات على العلم، ما هي موضوعات أصول التفسير؟
أيضاً لو رجعنا إلى ما كُتب من كتب في أصول التفسير سنجد أن من كتب من العلماء المتقدمين وكذلك من كتب من المعاصرين لا شك أنه وقع فيه تباين في موضوعات كتبهم في المادة العلمية، مثل ما ذكرنا في كتب التفسير، فأيضا هل كل ما كتب باسم أصول التفسير هو من أصول التفسير أو لا؟
نحن إذا نظرنا الآن إلى أصول التفسير سنجد أنها مرتبطة بموضوعات هذا العلم، سنجد أنها مرتبطة بماذا؟ بتعريف أصول التفسير، ويبدو أننا نسينا قضية التعريف أصول التفسير، فنرجع إليه الآن لا بأس، إذن نرجع الآن إلى تعريف أصول التفسير، لما عرفنا الآن الأصل وعرفنا التفسير، نأتي الآن إلى تعريف الأصول التي هي أصول التفسير. فما هي أصول التفسير؟
لو قال قائل: هي أصول فهم المعنى، إذا أردنا أن نختصر اختصاراً شديداً نقول: صحيح، أصول فهم المعنى، لكن هذا لا يكفي في التعريف، لا يبين لنا ما المراد بأصول التفسير لكن لو قلنا هي الأسس العلمية التي يرجع إليها المفسر حال الاختلاف في التفسير وحال بيانه للمعاني.
لماذا قلنا: الأسس العلمية حال الاختلاف في التفسير وحال بيان المعاني؟ لأن الآن يكون عندنا جانبان:
الجانب الأول: أن نعرف هذا الاختلاف الوارد في التفسير ما هو الصحيح منه، فإن احتاج إلى أسس نرجع لها ونحتكم إليها لنعرف ما هو الصحيح؟
ثم إذا أردت أن أفسر ما هي الأصول التي أعتمد عليها لأبين أفسر، فإذن لا شك أنه سيكون عندنا أصول معتبرة، وأصول غير معتبرة، على سبيل المثال لما نأتي إلى قضية الأصول غير المعتبرة مثلاً، التفسير الباطني، هل هو من الأصول المعتبرة في التفسير؟ هل يلزم أن يكون لكل آية باطن، وأن هذا الباطن لا يعلمه إلا القلة من الناس؟
لا يلزم
من اختصم، لا يلزم، مع أن هذا من أصول تفسير الباطنية لو رجعنا إلى التفاسير نجد أن أصول تفاسير الباطنية أن هذا من أصول التفسير عندهم، أن هناك باطن، وهذا الباطن لا يعلمه إلى بعض الناس، وطبعاً يختلفون بعد ذلك في من هم هذا البعض فمثلاً إذا كانوا من الصوفية فينسبونه مثلاً إلى مثل علي -رضي الله عنه- وإلى بعض أئمتهم المتصوفة إذا كانوا من غلاة الصوفية، وإذا كانوا من غلاة الباطنية فينسبونه أيضاً إلى علي بن أبي طالب وإلى بعض من زعموا أنه هو الذي آمن بعلي بن أبي طالب، وقس على ذلك ما يقع عندهم من مثل هذه التهويات المبنية على هذا الأصل.
المقصد من ذلك أنه نقول أن الأسس العلمية التي نرجع إليها حال الاختلاف في التفسير لماذا؟ لكي نعرف المعنى الصحيح مما وقع فيه الاختلاف، وكذلك حتى تفسير القرآن لكي نفسر القرآن على صواب، ما يقع عندنا خلل، لأن أي مفسر يأتي ويفسر القرآن، وليس عنده أصول يمشي عليها، فلا شك أنه سيقع عنده ماذا؟ خلل، على سبيل المثال، وسيأتينا -إن شاء الله- لاحقاً، إذا ورد تفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كأصل، هل يجوز القول بخلافه؟ نقول: لا يجوز، هذه قاعدة، فأنت الآن إذا جئت تفسر، وجاءك تفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ماذا تفعل؟ تقف عنده، تذكر هذا التفسير وتقف عنده؛ لأنه عندك الآن أصل، لكن لو لم يكن هذا الأصل عندك، يعني هذا الأصل منتقض عندك، وترى أنه يجوز مخالفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقع خلل ولا ما يقع خلل؟ لا شك أنه يقع خلل عندما نخالف الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فإذن المقصد من ذلك أنه قد تكون هناك بعض الأصول التي يقع فيها خلل، لكن نريد الآن الأسس العلمية الصحيحة التي نتعامل بها حال اختلاف التفسير أو حال بيان كلام الله -سبحانه وتعالى-.
نأتي الآن نبني على ذلك ما هي الموضوعات التي سنناقشها في أصول التفسير بناءً على هذا التعريف، يعني أسس علمية وعندنا اختلاف، وعندنا تفسير.
فضيلة الشيخ عفواً يبدو أن الوقت نحن في الدقائق الأخيرة من هذا البرنامج، والموضوعات قطعاً تستغرق وقت طويل في ذلك.
صحيح.
إذا رأيت فضيلة الشيخ نؤجل هذا إلى الحلقة القادمة -إن شاء الله تعالى- ونأخذ إذا كان عند الإخوة الطلاب بعض الأسئلة، أو توجه لهم فضيلة الشيخ بعض الأسئلة.
طيب تفضل، كما ترى يا شيخ.
طيب، سأقرأ لكم نصاً نرجع إلى قضية هذا النص نريد أن نأخذ منه بعض الفوائد المتعلق بأصل التفسير أيضاً والمسائل المرتبطة بهذا الجانب، في كتاب "نواسخ القرآن" لابن الجوزي قال: "باب ذكر من ادعي عليه النسخ في سورة "حم عسق" ثم ذكر قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ ﴾ [الشورى: 5]، يقول: زعم قوم منهم وهب ابن منبه والسدي ومقاتل بن سليمان أنه منسوخة بقوله: ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [غافر: 7]، قالوا: هذا قبيح؛ لأن الآيتين خبر، والخبر لا يُنسخ"، ثم ذكر بقية كلامه..
نريد فقط الآن أن نأخذ هذا المقطع، الآن هؤلاء قالوا: إن قوله -سبحانه وتعالى- ﴿ لِمَنْ فِي الأَرْضِ ﴾ منسوخ بقوله ماذا؟ ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ نريد أن نناقش هذا، هل الآن قولهم -بغض النظر عن كلام ابن الجوزي الذي بعد قليل- لكن هل هذا من باب التفسير أو ليس من باب التفسير؟
من باب التفسير.
لا شك من باب التفسير؛ لأنه بين لنا أن المراد بالعموم الذي ﴿ لِمَنْ فِي الأَرْضِ ﴾ لم قيد أن المراد به الذين آمنوا الذي ذكر في الآية الأخرى؟
لو قال قائل: لا..، الآية هذه تدل على أن الملائكة يستغفرون للمؤمنين وهذه الآية تدل على الملائكة يستغفرون لمن في الأرض، فهم يستغفرون للعموم، هذا وهذا، هذا بيان ولا ما هو بيان أيضاً؟
بيان.
لا شك أنه أيضاً يدخل في ماذا؟ في البيان، إذا الخلاف هذا بينهم ليس فيه إشكال من جهة البيان.
لكن ندخل إلى فائدة مرتبطة بأصول التفسير ولعلها تأتينا لاحقاً -إن شاء الله- والإشكالية التي ذكرها ابن الجوزي -رحمه الله تعالى- لما قال: « لأن الآيتين خبر، والخبر لا يُنسخ »، هل مراد ابن منبه والسدي ومقاتل النسخ الذي يريده ابن الجوزي؟
لا.
أي نعم، إذن هذه فائدة مهمة جداً، وهي ترجع إلى معرفة عبارات السلف في ماذا؟ في التفسير، وأن النسخ الذي ذكره هؤلاء ليس المراد به النسخ الاصطلاحي الذي يقع في الأحكام، وإنما مرادهم النسخ الجزئي الذي يقع في الأحكام وفي غير الأحكام من تقييد المطلق، وتخصيص العام وغيره، فإذن المقصد من ذلك أن ننتبه إلى مثل هذا في لأنه سيأتينا -إن شاء الله- خلال الدروس القادمة مما يحسن بطالب العلم أن يعرف عبارات السلف، وأن يعرف مصطلحات السلف.